القضاء الفرنسي يرفض طلب 17 منظمة لإلغاء اتفاق الهجرة مع بريطانيا

رفض مجلس الدولة الفرنسي طلبًا تقدّمت به 17 منظمة غير حكومية لإلغاء اتفاق الهجرة الفرنسي - البريطاني الموقّع خلال صيف 2025، والذي يهدف إلى الحد من عبور المهاجرين نحو المملكة المتحدة عبر ما يُعرف بـ«القوارب الصغيرة».

وفي قرار نُشر بتاريخ 30 ديسمبر الجاري قضى مجلس الدولة بأن الاتفاق لا يخالف القوانين السارية ولا يتناول مسائل محفوظة دستوريًا، وبالتالي لا يتطلّب مصادقة البرلمان، خلافًا لما ذهبت إليه المنظمات الطاعنة. 

وأوضح المجلس في بيان نقلته وكالة فرانس برس اليوم الأربعاء أن الحكومة كانت مخوّلة قانونًا بنشر الاتفاق عبر مرسوم تنفيذي دون المرور بالمسار التشريعي.

اتفاق "واحد مقابل واحد"

ينص الاتفاق على إعادة المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا عبر القوارب الصغيرة إلى فرنسا، مقابل استقبال لندن عددًا مماثلًا من المهاجرين الموجودين على الأراضي الفرنسية، وفق مبدأ "واحد مقابل واحد". 

وقد جرى توقيع الاتفاق في يوليو 2025، ودخل حيّز التنفيذ في فرنسا بعد نشر مرسومه في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 أغسطس.

وكانت المنظمات غير الحكومية قد رفعت طعنها أمام مجلس الدولة في أكتوبر، معتبرة أن الاتفاق يمس حقوقًا أساسية مثل الحق في طلب اللجوء والحياة الأسرية، ويستوجب نقاشًا ديمقراطيًا داخل البرلمان، إلا أن المجلس رأى أن أحكام الاتفاق «تقتصر على تنظيم دخول الأجانب إلى فرنسا» دون المساس بممارسة حقوق أو حريات ذات قيمة دستورية، مؤكّدًا أن قواعد دخول الأجانب لا تندرج بحد ذاتها ضمن الاختصاص الحصري للمشرّع وفق الدستور.

ضغوط سياسية وتدفقات 

تراهن الحكومة البريطانية التي تواجه ضغوطًا متزايدة من التيارات اليمينية المتطرفة، على أن يسهم الاتفاق في ردع محاولات العبور غير النظامي عبر بحر المانش. 

ويتركز وجود المهاجرين خصوصًا في شمال فرنسا، ولا سيما في منطقة كاليه، حيث يتجمع آلاف الأشخاص في انتظار فرصة العبور إلى الضفة البريطانية.

وتُعد «القوارب الصغيرة» ظاهرة برزت منذ عام 2018، وتعتمد على قوارب مطاطية غير مهيأة، يستغل المهربون عبرها حاجة المهاجرين للوصول إلى بريطانيا مقابل مبالغ مالية، رغم خطورة هذا المسار البحري المعروف ببرودته وكثافة الملاحة التجارية فيه.

أرقام ووقائع إنسانية

وبحسب وزارة الداخلية البريطانية، تمكّن أكثر من 41 ألف مهاجر من الوصول إلى الأراضي البريطانية خلال عام 2025 عبر القوارب الصغيرة، بينهم أكثر من 2000 شخص في أواخر ديسمبر وحده، بعد توقف مؤقت للعبور بسبب سوء الأحوال الجوية. 

ورغم ذلك، تبقى هذه الحصيلة أدنى من الرقم القياسي المسجّل عام 2022، والذي بلغ 45,774 وصولًا.

وفي المقابل تشير مصادر رسمية فرنسية وبريطانية إلى وفاة ما لا يقل عن 29 مهاجرًا منذ مطلع العام أثناء محاولات عبور المانش، مقارنة بـ78 وفاة سُجّلت خلال العام الماضي، ما يسلّط الضوء على الكلفة الإنسانية المستمرة لهذه الظاهرة رغم تشديد السياسات واتفاقيات الضبط.